تجليات عشتار في الشعر الجاهلي
تكشف هذه الدراسة (وهي عبارة عن اطروحة لاستكمال نيل الماجستير ل نادية زياد محمد سلمان من نابلس) عن تجليات الأم الكبرى ( عشتار ) في الشعر الجاهلي ، وطريقة تشكلها في مخيال الشعراء برموزها المختلفة التي داخلت نصوصهم الشعرية ومازجتها في ثنائيتها اللونية البارزة البياض والسواد . و تسترشد الدراسة بمنجزات العلوم الإنسانية ، ونتاج الدراسات الأثرية وكشوفها المثبتة في بطون الكتب والموسوعات التي اعتنت بالميثولوجيا ، لتفسير ماهية عشتار في الذهنية الشعبية ، ورصدها في نماذج من أشعار الجاهليين ؛ فالشعر القديم ينطوي على كثير من الرموز الأسطورية التي تحمل بدورها أبعاد التجربة الشعرية للشاعر الجاهلي ودلالتها الرمزية الموحية .
فالشعر الجاهلي "ليس إنباء عن متعين ، وليس سردا لحدث . واقعی ، وليس وثيقة تاريخية أو اجتماعية ، أو هما فرديا وحسب ، وإنما هو تعبير عن الوجود بالموجود ، ونفاذ إلى أعماق النفس الجمعية ، وهو رقية أو تعويذة ينفثها صاحبها ليدرأ خطرا أو يستجلب نفعا " ، وهو بمثابة منجم غني ينبغي سبر أسراره والغوص في بحاره .
كما تقدم هذه الدراسة الأسطورية بأدواتها التحليلية تفسيرا للإشارات الأسطورية ورموزها في النص الشعري الجاهلي ، من مبدأ أن لكل شاعر رموزه الخاصة ، يستطيع عن طريقها تكوين علاقة معها داخل عمله الإبداعي وهذه الدلالات كلها تكشف عن مادته ومعتقده وفكره ، وفلسفته في خلق الكون والإنسان ، وتذهب الدراسة في ظل هذه القراءة التحليلية الأسطورية إلى أن دراسة الشعر الجاهلي بمعزل عن روافده الدينية ومادته الفكرية ورموزه الأسطورية تحيل الشعر الجاهلي إلى وثائق تاريخية مؤرشفة بعيده كل البعد عن نتاج العصر وإبداعه وإلهامه .