جاسوس في كردستان العثمانية "رحلات هنري بندييه إلى بلاد الكرد والآثورييين" |
جاسوس في كردستان العثمانية رحلة هنري بندييه في بلاد الكرد والاشوريين
ترجمة وتقديم د.احمد عبدالوهاب الشرقاوي _د.اميمة حسن المهدي
الرحّالة الفرنسي المحترف ( Henery Binder ) يقومُ برحلته إلى بلاد ما بين النّهرين أو ميزوبوتاميا، كما يعرفها جغرافيّو ورحّالة أوروبا، وتجذبه هذه المرّة– من رحلاته- منطقة لم يتجاسرِ الكثيرون على الرحْلة إليها، وهي كردستان العراق، تلك المنطقة الجبليّة الحدودية التي تطلّ الآن على حدود سبعةِ دولٍ, هي: العراق وإيران وأذربيجان وتركيا وأرمينيا وسوريا وجورجيا.
وكانت هذه المنطقة- منطقة حوض نهر الزاب الأعلى، موطن الكرد والآثوريّين (السناطرة)- تمثّل تحدّيًا خطيرًا أمام الرحّالة الأوروبيّين؛ لقلّة المعلومات عنها، ولوعورة مسالكها، والخوف المتوارث من سكانها الجبليّين القساة.
الجمعية الجغرافية الفرنسية، وكذلك القسم الجغرافي في وزارة الحربية الفرنسية؛ تقومُ بإرسال الرحّالة الفرنسي المحترف ( Henery Binder) إلى بلاد ما بين النّهرين أو ميزوبوتاميا في مهمّة جغرافية وأثرية، لكنّها في الأصل مهمة عسكرية، إذ كان مديرُ القسم الجغرافي في وزارة الحربية هو نفسه المسئول عن الجمعية الجغرافي الجنرال ( F. Pirees ) ف. بيرييه، وقد أكّد الرحّالة كلامنا ذلك بإهدائه الرحلة إلى الجنرال المذكور، لكنّه قال في مقدّمته إنّ رحلته كانت لصالح وزارة التربية.
لم تستغرقِ الرحلةُ وقتًا طويلًا؛ إذْ بلغت أربعة أشهر فقط من سنة 1885م، وبدأ خطّ سيرها من العاصمة الفرنسية باريس إلى العاصمة العثمانية استانبول، إلى الولايات الأناضولية الشرقية ذات الكثافة المسيحيّة، متوغّلًا في بعض مناطق القوقاز وأذربيجان، ثمّ بلاد فارس، وبلدان العراق العربي/ العثماني.
وكانت أبرزُ المحطّات التي مرّ بها هي: القسطنطينية/ استانبول– تفليس/ تبليس– يريفان– تبريز– أورمية– وان/ فان- جولميرك– الموصل– بغداد– كرمنشاه– طهران– قزوين– كيلان (جيلان)- باكو– القوقاز– باريس.
نشرت الرّحلة في باريس سنة 1887م بعنوان: ( Au Kurdistan En Mesopotmia et en Perse) وجاءتْ في نحو أربعمائة وخمسين صفحة، بدأنا بترجمة ما يخصّ المنطقة العربيّة منها، وهي العراق، على رجاء أنْ نواصل ترجمة بقيّة الرّحلة في جزأين آخرين، يختصّ أحدهما بالمناطق الفارسية، والآخر بالمناطق العثمانية.
كانت لغةُ الكاتب بسيطةً, غيرَ معقّدة في أسلوبها، لكنّها كثيرة التعقيد والشّوفينية في تعصّبها تجاه الشّرقيين والعرب والمسلمين والعثمانيين.