الكتاب: افستا- الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية
المؤلف: إعداد: د. خليل عبد الرحمن
أفستا، الكتاب المقدس للديانة الزرادشتيه يتجاوز عمره ثلاثة آلاف سنة. إنها موسوعة الحضارة، الثقافة، الأخلاق والأنتروبولوجيا للشعوب الآرية. بل إنها تشهد على عظمة روح وثقافة الشعوب الآرية، حيث تمثل أقدم وثيقة تاريخية، ثقافية، دينية وقانونية مكتوبة تعكس المراسم والطقوس الدينية، الأفكار الفلسفية، الأخلاق، علم الفقه، الشرائع الطب والفلك في المجتمع البدائي الإيراني. أفستا، طفولة الشعوب الآرية: الكردية، الأرمنية، الفارسية، الطاجيكية، الأفغانية...إلخ وهي صفحة مشرقة في تاريخ تطور الأديان والثقافة الإنسانية، وأحد المصادر المكتوبة المبجلة في تاريخ الحضارة البشرية، التي تناقلتها الأجيال عبر آلاف السنين شفاهة وكتابة فهي غنية بالأساطير الجميلة، مفعمة بحب الخير والكفاح من أجله، والإيمان بنصره على قوى الشر، كما أنها متخمة بالتغني بالصدق والحقيقة، فالحقيقة فيها أفضل الخيرات. فهي تثير الدهشة، رغم قدمها، بحثها على النظافة والطهارتين الجسدية والروحية، وتقديسها عناصر الطبيعة: الأرض، الماء، النبات، النار، السماء، والهواء، وتبجيلها للمخلوقات الأليفة: الأبقار، الأغنام، الثيران، الكلاب، والأحصنة، فضلاً عن تبجيلها للأنوار السماوية. عرف الكتاب الإغريق القدماء الكثير عن أفستا في الأزمان السحيقة، وأثارت الكلمات السحرية الغامضة فيها إهتمامهم وفضولهم، وظهر هذا الإهتمام عند هيرودوت طاليس فيثاغورث، هيراقلطس، أفلاطون، أرسطو، كسينافون وسترابون. وأثرت أفستا تأثيراً في كونيات أنكسيماندر، وأخلاقيات أفلاطون، والمؤرخون الرومان، والاهوتيين المسيحين القديس أوغسطين على سبيل المثال لا الحصر والرحالة الأوربيين، والباحثين كما بلغ هذا الإهتمام أوجه عند نيتشه وغوته. يتهم الزرادشتيون ألكسندر المقدوني بحرق أفستا بعد غزوه إيران وكردستان. ثم جمعت أجزاؤها ثانية في العهدين البارثي والساساني، وقد كانت حينئذ مؤلفة من واحد وعشرين جزءاً ثم فقدت ثانية أثناء إنتشار الإسلام وغزوه مناطق الزرادشتين في القرن السابع الميلادي، حيث هرب بعض الزرادشتين من إيران متوجهين إلى الهند ليحافظوا على ديانتهم وكتابهم المقدس، ولا يزال هناك من يعتقدون بالزرادشتيه ديناً لهم، هؤلاء الأبطال أنقذوا نارهم وما تبقى من أجزاء أفستا، وهي أجزاء لم تبلغ ربع ما كان كتابهم عليه، وهو أربعة أجزاء فقط من أصل واحد وعشرين جزءاً. تم تنقيح الطبعة الثانية من أفستا، للكتاب المقدس للديانة الزرادشتيه، مضاف إليها هوامش وحواش كثيرة، وألقي الضوء على بعض الجوانب التي كانت مبهمة، وطرأ تغيير في ترتيب " ياسنا " ليتوافق على ما هو متعارف عليه في علم الإستشراق الأفستي.